ما هو أجر العمرة

العُمْرة

يُشرَع للمسلم القيام ببعض الأعمال والطّاعات؛ ابتغاء التقرُّب من الله سبحانه وتعالى، ولا أبلغَ من أداء العُمْرة للمسلم في التقرّب من الله؛ حيث يبلغ العبد فيها أعلى درجات القُرب إلى الله، ويستشعر ذلك بعمله، وروحه، وقلبه، وتتميّز العُمْرة بأعمال وأمور ومناسك خاصّة يجب على المسلم القيام بها؛ حتّى تقع عمرته صحيحةً، فإذا أتمّ المسلم عمرته كما ينبغي عليه القيام بها ابتغاء مرضاة الله فقد استحقّ الأجر والمثوبة من الله على ذلك، فما هو أجر العُمْرة في الإسلام، وما هي مكانتها فيه؟ ذلك ما سيتمّ بيانه في هذه المقالة.

معنى العُمْرة العُمْرة لُغةً: تعني الزّيارة والقصد لمكانٍ عامرٍ، والمُعتمِر هو الزّائر الذي ينوي ويقصد زيارة مكانٍ عامرٍ مسكونٍ، والعُمرة كذلك تأتي بمعنى: النُّسُك، وتحديداً هي المناسك التي يقوم بها المسلم بأحوال مخصوصة. العُمْرة اصطلاحاً: تعني العُمْرة في الاصطلاح الشرعيّ التَّقرب من الله سبحانه وتعالى، عن طريق زيارة بيته الحرام؛ حيث يقوم الزائر لبيت الله ببعض الأعمال، تبدأ بالإحرام، ثمّ الطّواف حول الكعبة، والسّعي بين الصّفا والمروة، ويختم عمله فيها بحلق شعر رأسه أو تقصيره. وتعني في الاصطلاح أيضاً: زيارة بيت الله -الكعبة المُشرّفة- ابتغاء التقرُّب من الله، وعبادته فيها وفق هيئات خاصّة، وبألفاظ وأعمال خاصّة، هي: الإحرام، والطَّواف بالبيت، والسَّعي بين الصّفا والمروة، والحلْق أو التّقصير.

أجر العُمْرة

أجر العُمْرة عموماً للعُمْرة بشكلٍ عامّ أجرٌ عظيمٌ يربو على أجر الكثير من الطّاعات والعبادات والنّوافل، وهي من أفضل النوافل على الإطلاق؛ حيث ثبت في الصّحيح عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (العُمْرةُ إلى العُمْرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا، والحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنَّةُ)، فإذا تابع المسلم بين العُمْرة والعُمْرة، غفر الله له ما كان بينهما من العمل إذا اجتنب الكبائر، لقول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) فقد اشترط الله -سبحانه وتعالى- لتكفير السيّئات بالطاعات اجتنابَ الكبائر التي نُهِي عن قربانها، فإنّ الكبائر تحتاج توبةً خاصّةً لتكفيرها، وقد ثبت عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (الصَّلواتُ الخمسُ، والجمُعةُ إلى الجمعةِ، ورمضانُ إلى رمضانَ، مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتنَبَ الْكبائرَ)، وكلُّ ذلك يدلُّ على عظيم أجر العُمْرة ومنزلتها عند الله سبحانه وتعالى. أجر العُمْرة في رمضان خاصّةً يتميّز شهر رمضان المُبارَك عن غيره من الشهور والأيّام بأنّ الأعمال فيه مُضاعَفة؛ ولذلك فإنّ العُمْرة كذلك لها فضلٌ في رمضان يفوق العُمْرة في غيره من الأشهر والأيّام، بل إنّها فيه تعدل حِجّةً مع النبيّ -صلى الله عليه وسلّم، فقد روى ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال لامرأةٍ من الأنصارِ، يقالُ لها أمُّ سِنانٍ: (ما منعك أن تكوني حججتِ معنا، قالت: ناضحانِ كانا لأبي فلان (زوجِها)، حجَّ هو وابنُه على أحدِهما، وكان الآخرُ يسقي غلامَنا، قال: فعُمْرةٌ في رمضانَ تقضي حجَّةً، أو حجَّةً معي). حُكم العُمْرة اختلَفَت أقوال الفقهاء وتباينت آراؤهم في حُكمِ العُمرةِ، وهل هي واجبةٌ أم لا؟ وذلك على عِدّة أقوال، بيانُها فيما يأتي: قال الحَنفيّة والمالكيّة -في الرّاجح عندهم- أنّ العُمرة سنّةٌ مُؤكّدة، وليست واجبةً ولا مفروضةً، إنّما ينبغي على المسلم القيام بها ولو مرّةً واحدةً في عمره، ودليلهم على ذلك ما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سُئلَ عنِ العُمْرةِ، أواجبةٌ هيَ؟ قال: لا، وأنْ تَعتمِروا هوَ أفضلُ). ذهب الحنفيّة في قولهم إلى أنّ العُمرة تجب مرّةً في العمر على المسلم العاقل البالغ، فإن قام بها المسلم مرّةً، سقط وجوبها عنه، وانتقل حُكمها إلى الاستِحباب والسُّنيَّة. ذهب الشافعيّة والحنابِلة إلى القول بأنّ العُمْرة مفروضةٌ على المسلم، وفرضيّتها تسقط بأدائها مرّةً كالحجّ، ودليلهم على ذلك قوله سبحانه وتعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)، وكذلك ما روت أمّ المُؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: (يا رسولَ اللَّهِ، على النِّساءِ جهادٌ؟ قالَ: نعَم، عليهِنَّ جِهادٌ، لا قتالَ فيهِ: الحَجُّ، والعُمرةُ).